الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
فَأَمَّا اللَّمْسُ الْمُطْلَقُ فَلَا مَعْنَى لَهُ، وَذَلِكَ مُقَرَّرٌ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ.الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: قَوْله تَعَالَى: {النِّسَاءَ}:وَهَذَا عَامٌّ فِي كُلِّ امْرَأَةٍ بِحَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ كَالْجَنَابَةِ، حَتَّى قَالَ الشَّافِعِيُّ: إنَّهُ لَوْ لَمَسَ صَغِيرَةً يُنْتَقَضُ طُهْرُهُ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ.وَهَذَا ضَعِيفٌ؛ فَإِنَّ لَمْسَ الصَّغِيرَةِ كَلَمْسِ الْحَائِضِ.وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ لِأَجْلِ أَنَّهُ لَا يَعْتَبِرُ اللَّذَّةَ، وَإِنْ أَخْرَجَ ذَوَاتَ الْمَحَارِمِ عَنْهَا فَقَدْ اُنْتُقِضَ عَلَيْهِ جَمِيعُ مَذْهَبِهِ فِي ذَلِكَ.وَنَحْنُ اعْتَبَرْنَا اللَّذَّةَ، فَحَيْثُ وُجِدَتْ وُجِدَ حُكْمُهَا، وَهُوَ وُجُوبُ الْوُضُوءِ.الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ: [دخول حُكْمِ اللَّمْسِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءِ]:يَدْخُلُ فِي حُكْمِ اللَّمْسِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءِ كَمَا دَخَلُوا فِي قَوْلِهِ: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا} سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ عِنْدَنَا بِالِاسْمِ، وَإِنَّمَا الِاعْتِبَارُ بِالْمَعْنَى؛ وَذَلِكَ بَيِّنٌ.الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ: قَوْله تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً}:لَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ اغْتَسِلُوا وَاطَّهَّرُوا اقْتَضَى ذَلِكَ الْمَاءَ اقْتِضَاءً قَطْعِيًّا، إذْ هُوَ الْغَاسُولُ وَالطَّهُورُ؛ فَلِذَلِكَ قَالَ: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً، فَصَرَّحَ بِالْمُقْتَضِي، وَكَانَ عِنْدَهُ سَوَاءٌ التَّصْرِيحُ وَالِاقْتِضَاءُ؛ وَهَذَا فِي اللُّغَةِ كَثِيرٌ.الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: قَوْله تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً}:قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ: فَائِدَةُ الْوُجُودِ الِاسْتِعْمَالُ وَالِانْتِقَاعُ بِالْقُدْرَةِ عَلَيْهِمَا، فَمَعْنَى قَوْلِهِ: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً}، فَلَمْ تَقْدِرُوا؛ لِيَتَضَمَّنَ ذَلِكَ الْوُجُوهَ الْمُتَقَدِّمَةَ الْمَذْكُورَةَ فِيهَا، وَهِيَ الْمَرَضُ وَالسَّفَرُ؛ فَإِنَّ الْمَرِيضَ وَاجِدٌ لِلْمَاءِ صُورَةً، وَلَكِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ لِضَرُورَةٍ صَارَ مَعْدُومًا حُكْمًا؛ فَالْمَعْنَى الَّذِي يَجْمَعُ نَشْرَ الْكَلَامِ (فَلَمْ تَقْدِرُوا عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ).وَهَذَا يَعُمُّ الْمَرَضَ وَالصِّحَّةَ إذَا إذَا خَافَ مِنْ أَخْذِ الْمَاءِ لِصًّا أَوْ سَبُعًا، وَيَجْمَعُ الْحَضَرَ وَالسَّفَرَ؛ وَهَذَا هُوَ الْعِلْمُ الصَّرِيحُ، وَالْفِقْهُ الصَّحِيحُ، وَالْأَصْوَبُ بِالتَّصْحِيحِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَجَدَهُ بِزَائِدٍ عَلَى قِيمَتِهِ جَعَلَهُ مَعْدُومًا حُكْمًا، وَقِيلَ لَهُ تَيَمَّمْ.وَيَتَبَيَّنُ أَنَّ الْمُرَادَ الْوُجُودُ الْحُكْمِيُّ، لَيْسَ الْوُجُودَ الْحِسِّيَّ.وَعَلَى هَذَا قُلْنَا: إنَّ مَنْ وَجَدَ الْمَاءَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، إنَّهُ يَتَمَادَى وَلَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ، خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ حَيْثُ يَقُولُ: يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ؛ لِأَنَّ الْوُجُودَ لِعَيْنِهِ لَا يُبْطِلُ التَّيَمُّمَ، كَمَا لَوْ رَأَى الْمَاءَ وَعَلَيْهِ لِصٌّ أَوْ سَبُعٌ، أَوْ رَآهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ لَمْ يَبْطُلْ تَيَمُّمُهُ، وَإِنَّمَا يَبْطُلُ التَّيَمُّمُ بِوُجُودِ مَقْرُونٍ بِالْقُدْرَةِ؛ وَإِذَا كَانَ فِي الصَّلَاةِ فَلَا قُدْرَةَ لَهُ إلَّا بَعْدَ إبْطَالِهَا، وَلَا تَبْطُلُ إلَّا بَعْدَ اقْتِرَانِ الْقُدْرَةِ بِالْمَاءِ، فَلَا بُطْلَانَ لَهَا؛ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ دَوْرِيَّةٌ، وَقَدْ حَقَّقْنَاهَا فِي كِتَابِ التَّلْخِيصِ فَلْتُنْظَرْ فِيهِ؛ وَعَلَى هَذَا تَنْبَنِي مَسْأَلَةٌ؛ هِيَ إذَا نَسِيَ الْمَاءَ فِي رَحْلِهِ، وَقَدْ اجْتَهَدَ فِي طَلَبِهِ، فَإِنَّ النَّاسِيَ لَا يُعَدُّ وَاجِدًا وَلَا يُخَاطَبُ فِي حَالِ نِسْيَانِهِ؛ فَلِذَلِكَ قُلْنَا فِي أَصَحِّ الْأَقْوَالِ: إنَّهُ يُجْزِئُهُ.الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ وَالْعِشْرُونَ: قَوْله تَعَالَى: {مَاءً}:قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هَذَا نَفْيٌ فِي نَكِرَةٍ، وَهُوَ يَعُمُّ لُغَةً؛ فَيَكُونُ مُفِيدًا جَوَازَ الْوُضُوءِ بِالْمَاءِ الْمُتَغَيِّرِ وَغَيْرِ الْمُتَغَيِّرِ؛ لِانْطِلَاقِ اسْمِ الْمَاءِ عَلَيْهِ.قُلْنَا: اسْتَنْوَقَ الْجَمَلُ، الْآنَ يَسْتَدِلُّ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ بِاللُّغَاتِ، وَيَقُولُونَ عَلَى أَلْسِنَةِ الْعَرَبِ، وَهُمْ يَنْبِذُونَهَا فِي أَكْثَرِ الْمَسَائِلِ بِالْعَرَاءِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ النَّفْيَ فِي النَّكِرَةِ يَعُمُّ كَمَا قُلْتُمْ، وَلَكِنْ فِي الْجِنْسِ؛ فَهُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ مَا كَانَ مِنْ سَمَاءٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ عَيْنٍ أَوْ نَهْرٍ أَوْ بَحْرٍ عَذْبٍ أَوْ مِلْحٍ؛ فَأَمَّا غَيْرُ الْجِنْسِ فَهُوَ الْمُتَغَيِّرُ، فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ، كَمَا لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ مَاءُ الْبَاقِلَاءِ.وَقَدْ مَهَّدْنَا ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَنْعِ الْوُضُوءِ بِالْمَاءِ الْمُتَغَيِّرِ بِالزَّعْفَرَانِ فِي كِتَابِ التَّلْخِيصِ.وَمِنْ هَاهُنَا وَهَمَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ: إنَّهُ إذَا وَجَدَ مِنْ الْمَاءِ مَا لَا يَكْفِيهِ لِأَعْضَاءِ الْوُضُوءِ كُلِّهَا أَنَّهُ يَسْتَعْمِلُهُ فِيمَا كَفَاهُ وَيَتَيَمَّمُ لِبَاقِيهِ؛ فَخَالَفَ مُقْتَضَى اللُّغَةِ وَأُصُولِ الشَّرِيعَةِ.أَمَّا مُقْتَضَى اللُّغَةِ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَالَ: {إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} وَأَرَادَ فِي جَمِيعِ الْبَدَنِ، ثُمَّ قال: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} فَاقْتَضَى ذَلِكَ الْمَاءَ الَّذِي يَقُومُ لَهُ بِحَقِّ مَا تَقَدَّمَ الْأَمْرُ فِيهِ وَالتَّكْلِيفُ لَهُ؛ فَإِنْ آخِرَ الْكَلَامِ مُرْتَبِطٌ بِأَوَّلِهِ.وَأَمَّا مُخَالَفَتُهُ لِلْأُصُولِ فَلَيْسَ فِي الشَّرِيعَةِ مَوْضِعٌ يُجْمَعُ فِيهِ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْبَدَلِ، وَقَدْ مَهَّدْنَا ذَلِكَ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ، وَبِهَذَا تَعَلَّقَ الْأَئِمَّةُ فِي الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَحْرِ، وهِيَ: الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: [ماء البحر]:قَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَاءُ النَّارِ أَوْ لِأَنَّهُ طِينُ جَهَنَّمَ، وَكَأَنَّهُمْ يُشِيرُونَ إلَى أَنَّهُ مَاءُ عَذَابٍ فَلَا يَكُونُ مَاءَ قُرْبَةٍ.وَقَدْ «مَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ نَزَلُوا بِهِ بِدِيَارِ ثَمُودَ أَلَّا يُشْرَبَ وَلَا يُتَوَضَّأَ مِنْ آبَارِهِمْ إلَّا مِنْ بِئْرِ النَّاقَةِ، وَأَوْقَفَهُمْ عَلَيْهِ»؛ وَهِيَ إحْدَى مُعْجِزَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.قُلْنَا: قَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَاءِ الْبَحْرِ: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ».وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ مَاءَ الْبَحْرِ هُوَ طَهُورُ الْمَلَائِكَةِ، إذَا نَزَلُوا تَوَضَّئُوا، وَإِذَا صَعِدُوا تَوَضَّئُوا، فَيُقَابَلُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَيَبْقَى لَنَا مُطْلَقُ الْآيَةِ، وَحَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.الْمَسْأَلَةُ الْمُوفِيَةُ ثَلَاثِينَ: قَوْله تَعَالَى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا}:مَعْنَاهُ فَاقْصِدُوا.وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَرَأَهَا فَائْتَمُّوا، وَالْأُولَى أَفْصَحُ وَأَمْلَحُ؛ فَإِنَّ اقْصِدُوا أَمْلَحُ مِنْ اتَّخِذُوهُ إمَامًا، وَمِنْ هَاهُنَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تَلْزَمُ النِّيَّةُ فِي التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّهُ الْقَصْدُ لَفْظًا وَمَعْنًى.قُلْنَا: لَيْسَ الْقَصْدُ إلَيْهِ لِلِاسْتِعْمَالِ بَدَلَ الْمَاءِ هُوَ النِّيَّةُ، إنَّمَا مَعْنَاهُ اجْعَلُوهُ بَدَلًا، فَأَمَّا قَصْدُ التَّقَرُّبِ فَهُوَ غَيْرُهُ.جَوَابٌ آخَرُ: وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ: {فَتَيَمَّمُوا} إنْ كَانَ يَقْتَضِي بِلَفْظِهِ النِّيَّةَ فَقَوْلُهُ: تَطَهَّرُوا وَاغْتَسِلُوا يَقْتَضِي بِلَفْظِهِ النِّيَّةَ، كَمَا تَقَدَّمَ.فَإِنْ قِيلَ: الْمَاءُ مُطَهِّرٌ بِنَفْسِهِ، فَلَمْ يُفْتَقَرْ إلَى قَصْدٍ إذَا وُجِدَتْ النَّظَافَةُ بِهِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَتْ.قُلْنَا: وَكَذَلِكَ التُّرَابُ مُلَوَّثٌ بِنَفْسِهِ، فَلَمْ يُفْتَقَرْ إلَى قَصْدٍ إذَا وُجِدَ التَّلَوُّثُ بِهِ.الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ: قَوْله تَعَالَى: {صَعِيدًا}:فِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: وَجْهُ الْأَرْضِ؛ قَالَهُ مَالِكٌ.الثَّانِي: الْأَرْضُ الْمُسْتَوِيَةُ؛ قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ.الثَّالِثُ: الْأَرْضُ الْمَلْسَاءُ.الرَّابِعُ: التُّرَابُ؛ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.وَاخْتَارَهُ الشَّافِعِيُّ.وَاَلَّذِي يُعَضِّدُهُ الِاشْتِقَاقُ وَهُوَ صَرِيحُ اللُّغَةِ أَنَّهُ وَجْهُ الْأَرْضِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ مِنْ رَمْلٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ أَوْ تُرَابٍ.الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ: قَوْلُهُ: {طَيِّبًا}:قِيلَ: إنَّهُ مُنْبِتٌ، وَعُزِيَ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَاخْتَارَهُ الشَّافِعِيُّ، وَعَضَّدَهُ بِالْمَعْنَى فَقَالَ: إنَّهُ يَنْتَقِلُ مِنْ الْمَاءِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الْإِحْيَاءِ إلَى التُّرَابِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الْإِنْبَاتِ.وَقِيلَ: إنَّهُ النَّظِيفُ.وَقِيلَ: إنَّهُ الْحَلَالُ.وَقِيلَ: هُوَ الطَّاهِرُ؛ فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ أَصَحُّهَا الطَّاهِرُ.فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: إذَا تَيَمَّمَ عَلَى بُقْعَةٍ نَجِسَةٍ جَاهِلًا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ، وَلَوْ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ نَجِسٍ أَعَادَ أَبَدًا.قُلْنَا: هُمَا عِنْدَنَا سَوَاءٌ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الَّذِي نَنْصُرُهُ الْآنَ، وَكَلَامُ الْقَوْلِ الثَّانِي فِي كُتُبِ الْمَسَائِلِ.فَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ: إنَّهُ نَقَلَ مِنْ أَصْلِ الْإِحْيَاءِ إلَى أَصْلِ الْإِنْبَاتِ فَهُوَ دَعْوَى لَا بُرْهَانَ عَلَيْهَا؛ عَلَى أَنَّا نَقُولُ: نَقَلَنَا مِنْ الْمَاءِ إلَى الْأَرْضِ، وَمِنْهَا خَلَقَنَا.الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ وَالثَّلَاثُونَ: قَوْله تَعَالَى: {فَامْسَحُوا}:وَالْمَسْحُ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنْ جَرِّ الْيَدِ عَلَى الْمَمْسُوحِ خَاصَّةً، فَإِنْ كَانَ بِآلَةٍ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ نَقْلِ الْآلَةِ إلَى الْيَدِ وَجَرِّهَا عَلَى الْمَمْسُوحِ بِخِلَافِ الْغُسْلِ، وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي مَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ.الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ: وَالْخَامِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ: شَرْحُ الْوَجْهِ وَالْيَدِ:وَالسَّادِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ: دُخُولُ الْبَاءِ عَلَى الْوَجْهِ:وَالسَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ: سُقُوطُ قوله: {مِنْهُ}هَاهُنَا وَثُبُوتُهَا فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ وَالثَّلَاثُونَ: دُخُولُ الْعَفْوِ وَالْغُفْرَانِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَحْكَامِ وَانْتِظَامِهَا بِهِمَا:وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ عَفْوَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إسْقَاطُهُ لِحُقُوقِهِ أَوْ بَذْلُهُ لِفَضْلِهِ، وَمَغْفِرَتُهُ سَتْرُهُ عَلَى عِبَادِهِ؛ فَوَجْهُ الْإِسْقَاطِ هَاهُنَا تَخْفِيفُ التَّكْلِيفِ، وَلَوْ رُدَّ بِأَكْثَرَ لَلَزِمَ، وَوَجْهُ بَدَلِهِ إعْطَاؤُهُ الْأَجْرَ الْكَثِيرَ عَلَى الْفِعْلِ الْيَسِيرِ، وَرَفْعُهُ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي الْعِبَادَاتِ الْإِصْرَ الَّذِي كَانَ وَضَعَهُ عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ قَبْلَهَا، وَمَغْفِرَتُهُ سَتْرُهُ عَلَى الْمُقَصِّرِينَ فِي الطَّاعَاتِ؛ وَذَلِكَ مُسْتَقْصًى فِي آيَاتِ الذِّكْرِ، وَمِنْهُ نُبْذَةٌ فِي شَرْحِ الْمُشْكَلَيْنِ فَلْتُنْظَرْ هُنَالِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. اهـ.
|